إنّ أيَّ حديث عن موضوع المِثلية الجنسية يستوجب تحديد مفهوم الكلمة المستعملة بعيدا عن أيِّ حَمولة إيديولوجية،سياسية أو قِيَميّة٠
و المُلاحَظ أنّ جل الكتابات التي تتناول موضوع المِثلية الجنسية بالدراسة والتحليل و حتى التحقيق الصحفي تخلط خلطاً عشوائيا - تارة عن قصد و تارة عن غير قصد - ما بين المثلية الجنسية و ما بين الشذوذ الجنسي٠ و بصرف النظر عمّا يقوله القانون الجنائي المغربي فيما يتعلق بالجنسية المثلية إذ يسوِّيها بالشذوذ الجنسي من خلال منطوق الفصل 489 منه، فإنّ مرجعية فهم أي ظاهرة يحتاج إلى اللغة لِتَبَيُّنِ الفرق الشاسع بين مفهوم و مفهوم٠فإذا كانت المثلية الجنسية هي الإنجذاب الغريزي و العاطفي و الخيالي كذلك نحو نفس الجنس مِنْ خلال النظرة والتمثُّل فالرغبة ثُمّ الإتصال الجنسي فإقامة علاقة عاطفية مع نفس الجنس سواء بين الذكور أو بين الإناث، فإنّ الشذوذ الجنسي هو الممارسة الجنسية غير السويّة و المنحرفة و الذي يتّخذ مظاهر شتّى : كالسلوك العدواني أثناء الممارسة الجنسية sado-maso و الإعتداء جنسيا على الأطفال والتحرش بهم pédophilie و كذلك الممارسات الجنسية على الحيوانات zoophilie...إلخ و كلها ممارسات شاذة و غير مقبولة لأنها تتخذ طابع الإكراه أو العنف سبيلاً نحو تحقيق أغراض جنسية مَرَضِيّة٠و الفرق بين الشذوذ الجنسي و بين المِثلية الجنسية واضح لا محالة، لأنّ الأخيرة انجذاب طرفين مِنْ نفس الجنس نحو بعضهما البعض و بِكامل إرادتهما بِحيث يكونان غير قاصرَيْن سِنّاً،واعِيَيْن بما يفعلانه بِصرف النّظر عن مدى قبول المجتمع لسلوكهما أو رفضه٠على أنَّ المثلية الجنسية هي مكوِّن من مكونات الهوية الجنسية لدى الإنسان. فقد يكون جنس الذكر أو الأُنثى ذا ميول جنسي إمّا مُغايِراً hétérosexuel أو مِثلِيّاً homosexuel أو ثنائيَّ الجنس bisexuel، بينما الشذوذ الجنسي هو حالة مرضية يعبِّر عنها صاحبها من خلال العنف الذي يوقِّعُه على الشريك في الجنس (السادية) أو على نفسه من طرف الشريك (المازوشية) أو الإعتداء جنسيا على الأطفال (البيدوفيليا) أو على جثث
الأموات٠٠٠ و كل هذه الحالات تندرج في نطاق الشذوذ عن الحالات الطبيعية، حيث تكون الممارسات الجنسية بين شريكين بصرف النّظر عن جِنسِهِما (ذكر/ذكر) (ذكر/أنثى) (أنثى/أنثى) خالية من حالات الإكراه أو العنف أو الإغتصاب أو الإغراء تجاه الأطفال.و هكذا يتّضح أنّهُ ليس صحيحا و لا مقبولا المطابقة بين مفهوم المثلية الجنسية و مفهوم الشذوذ الجنسي،لأنّ الأول حالة طبيعية (و لم أقل مقبول إجتماعيا و دينيا) و الثاني حالة غير طبيعية و هو حالة مرضية تحتاج إلى علاج نفسي عند أخِصائي الأمراض العقلية و النفسية ولعل هذا هو السبب الذي دفع بمنظمة الصحة العالمية في مستهلَّ العُشَرِيّة الأخيرة من القرن الفارط إلى حذف المثلية الجنسية من قائمة الأمراض النفسية والعقلية المصنّفة دوليا و الإكتفاء بالقول بأنها ميول جنسي كباقي الميولات الجنسية الأخرى بِغَضِّ النظر عن درجات قبولها من مجتمع إلى اخر.
منقول.